الكرة العالميةالدوري الإسبانيتقارير ومقالات

بنزيما يحكم بأحكامه.. الديوك تصيح في «دو شاتيليه» بعد ربع قرن من الصمت

بحساب المنطق والأرقام والإنجازات، لم يثر حفل توزيع جوائز الأفضل في العالم الكثير من الجدل حول هوية أصحاب المقام الرفيع على لائحة «فرانس فوتبول»، حيث بدا ظهور الفرنسي كريم بنزيما على المسرح مسألة وقت ليس أكثر، بعدما فعل هداف ريال مدريد كل شئ على مدار عام كامل، ولازال ينتظر المزيد رفقة الديوك في قطر قبل نهاية 2022.

مسرح دو شاتيليه في قلب العاصمة باريس، تهيأ بمزيد من الحفاوة من أجل بقاء الكرة الذهبية العريقة في فرنسا لأول مرة منذ قرابة ربع، وتسلط الضوء صوب القادم منتشيًا من مدريد بعدما حسم كلاسيكو الأرض على حساب برشلونة، وبدا أن بنزيما الملقب في الأوساط العربية بـ«الحكومة» في أيام سعده بعد سنوات من العيش في ظل كريستيانو رونالدو.

أفول عصر ليو- كريس

توهج هداف الريال جاء بالتزامن مع أفول الصراع الثنائي الأسطوري بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، وإلا لم يكن ممكنًا حصد «البالون دور» قبل هذا الموعد، الأمر الذي عبّد طريق بنزيما إلى المجد، بعدما خرج الأرجنتيني تمامًا ولأول مرة منذ قرابة عقدين من القائمة النهائية، بينما احتل الدون المعقد الأسوأ في الحقبة ذاتها.

صعود صاحب الأصول الجزائرية إلى قمة هرم كرة القدم لم يكن من فراغ أو محط مصادفة، وإنما كان الهداف الفرنسي الرقم الأهم في صفوف ريال مدريد في الموسمين الماضيين، كما شكلت عودته إلى صفوف الديوك بعد غياب طويل دفعة أخرى، مضى معها بكثير من التألق نحو منصات التتويج.

ورد بنزيما الجميل إلى ديدييه ديشامب بأحسن منه، فقاد منتخب فرنسا إلى حصد لقب دوري الأمم الأوروبية لأول مرة في التاريخ، ومضى رفقة كيليان مبابي وباقي الرفاق نحو مونديال قطر 2022، حيث يتأهب الديوك للدفاع عن اللقب الثمين للنسخة الثانية تواليًا بعد الإنجاز الرائع في روسيا 2018، والمرة الثالثة منذ حقبة زين الدين زيدان في 1998.

بنزيما الذي غاب عن إنجاز 2018 لأسباب تتعلق بأزمة «فالبوينا» الشهيرة -والتي ليس من اللائق التذكير بها في هذا التوقيت تحديدًا- ربما تشكل الكثير من الدوافع لقائد الميرينجي لتحقيق اللقب الغائب عن خزانة «الحكومة»، وهو الأمر الذي لا يبدو صعب المنال في ظل كتيبة مدججة بالنجوم تضم أيضًا مبابي وبوجبا وكامافينجا وتشواميني وجريزمان وكومان وديمبلي وباقي الرفاق.

الرقم الصعب في معادلة الألقاب

صناعة الحدث في دوري الأمم الأوروبية لم يكن بمفرده ليمنح بنزيما الكرة الذهبية، وإنما كان في صدارة المشهد رباعية استثنائية بألوان ريال مدريد، كان الفرنسي فيها القطعة الأكثر تأثيرًا على رقعة كارلو أنشيلوتي، حيث قاد الميرينجي لحصد الدوري الإسباني بأريحية ودون معاناة تذكر، كما اعتلى عرش هدافي المسابقة برصيد 27 هدفًا.

وسطع كريم في ليالي مدريد الظلماء ليعبر بالريال محطات تشيلسي ومانشستر سيتي وليفربول، ليقود الملكي إلى منصة تتويج دوري أبطال أوروبا للمرة الـ14 في التاريخ، دون أن يفرط في لقب الهداف بـ15 هدفًا بعد منافسة مثيرة مع ليفاندوفسكي.

لقب الليجا ومن بعده الشامبيونزليج، فتحا الأبواب أمام مزيد من الألقاب فساهم بنزيما في تحقيق الريال لقب السوبر الأوروبي على حساب آينتراخت فرانكفورت الألماني، بطل اليوروبا ليج، قبل أن يكمل مسلسل التوهج ويضيف لقب السوبر الإسباني إلى الخزانة الملكية.

الديوك تصيح في باريس

فرحة بنزيما امتدت من مدريد إلى باريس وتردد صداها في الجزائر، ولكن الآثر الأكبر كان فرنسيًا بامتياز بعدما كسر مهاجم الريال هيمنة ليو- كريس، ليُعيد جائزة الكرة الذهبية إلى الفرنسيين بعد غياب دام 24 منذ حصدها زين الدين زيدان في عام 1998.

بنزيما سار على خطى زيزو خطوة خطوة، فهو الجزائري الأصل الذي توهج في مدريد، ويبدو أنها كانت الوصفة السحرية التي منحت فرنسا البالون دور السابعة عبر التاريخ، بعدما قص الأسطورة ريمون كوبا شريط الإنجاز الذهبي في عام 1958.

ونجح 4 أساطير فرنسية في معانقة «الكرة الذهبية»، بدأها كوبا قبل 64 عامًا، واحتكار ميشيل بلاتيني في حقبة الثمانينيات الذهبية لثلاث سنوات تواليًا 1983، 1984، 1985، واستعادها جان بيير بابان في عام 1991، وحافظ عليها زيزو في عام 1998، قبل أن تتوقف لربع قرن ليخطفها بنزيما، في مشهد ربما ينذر بقادم أفضل للديوك مع بزوغ نجم مبابي وعثمان ديمبلي وكامافينجا.

الريال مصنع الذهب

اثنين من الجوائز الفرنسية صنعت في ريال مدريد، عبر كوبا وبنزيما، وذلك من أصل 12 جائزة احتكرها النادي الملكي مكرسًا الهيمنة على مقاليد كرة القدم، حيث جلب ألفريدو دي ستيفانو أول «بالون دور» إلى العاصمة الإسبانية عام 1957، واستعادها عليها لعام أخر في 1959، وبينهما حافظ عليها ريمون كوبا عام 1958.

المد المدريدي توقف قرابة نصف قرن، قبل أن ينجح لويس فيجو في خطف الجائزة عام 2000، ليحصدها الظاهرة رونالدو عام 2002، وفابيو كانافارو عام 2006، واحتكارها البرتغالي كريستيانو رونالدو، 4 مرات من أصل 5 في جعبة صاروخ ماديرا، أعوام 2013، 2014، 2016، 2017، وصنع لوكا مودريتش الحدث بإيقاف ثنائية ليو- كريس في عام 2018، قبل أن يأتي الدور على بنزيما الذي صفق كثيرًا لباقي رفاق سنتياجو برنابيو.

حصول بنزيما،  صاحب الـ34 عامًا، ربما تكون تتويجًا لمسيرة رائعة ودرة تاج ألقاب الفرنسي، لكن بالنظر إلى اللائحة النهائية لجائزة بالون دور 2022، يمكن أن نرصد الكثير من الملاحظات، أبرزها انتهاء حقبة مثالية في تاريخ كرة القدم ضمت، ميسي ورونالدو ومودريتش وليفاندوفسكي، لكنها أعلنت عن جيل قادم بقوة يقوده الثنائي مبابي وهالاند وبيلنجهام وبيدري وجافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى