الكرة المحليةتقارير ومقالاتدوري روشن السعودي

من خان الآخر؟.. «بيكاسو» يُجبر رونالدو على مغادرة مانشستر من الباب الخلفي

عاصفة من الجدل ضربت أروقة نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، ربما يمتد أثرها حتى يناير المقبل، بعدما كسر البرتغالي كريستيانو رونالدو حاجز الصمت، فاتحًا النار على الجميع داخل جدران أولد ترافورد، في مشهد هوليوودي صادم لن يبقي الحال على ما هو عليه في قلعة الشياطين الحمر.

ربما حتى أمسية الأحد كان مدرج مسرح الأحلام منقسمًا بين المدرب الهولندي إيريك تن هاج وأيقونة المانيو رونالدو، حيث البعض يحترم رؤية المدير الفني في التعامل «المهين» مع الدون من أجل استكمال مشروع إعادة الكبرياء المفقود إلى الشياطين الحمر، وفريق آخر يتعاطف مع البرتغالي، إلا أن اليوم لم يعد يشبه البارحة؛ بعدما قرر كريستيانو طواعية الوقوف وحده في مواجهة الجميع، وإهالة التراب على إرث كبير صنعه في المدينة الإنجليزية العريقة.

رونالدو أراد أن يحرق المركب قبل أن يحزم الحقائب صوب قطر من أجل قيادة منتخب البرتغال في كأس العالم 2022، في محطة فارقة تشكل الظهور الأخير لصاروخ ماديرا في المحفل الكبير، أو ربما أراد أن يتبع خطة بيكاسو -هو المصطلح الذي استخدمه حرفيًا- بهدم كل شيء ومن ثم إعادة البناء، إلا أنه لم يترك من بين الأنقاض ما يمكن البناء عليه، ليصبح فك الارتباط خيارًا وحيدًا، والكشف عنه مسألة وقت ليس أكثر.

من خان الآخر؟

تن هاج انشغل بمواجهة مانشستر يونايتد الأخيرة في الدوري الإنجليزي قبل فترة التوقف الدولي، أمام مضيفه فولهام، والتي جرت على ملعب كرافين كوتاج، حيث احترقت أعصاب الهولندي حتى الوقت المبدد من أجل خطف النقاط الثلاث من قلب العاصمة، وهي المباراة التي غاب عنها رونالدو بسبب المرض أو لعدم قناعة الهولندي الفنية بالحاجة إلى جهود البرتغالي في لندن.

الهولندي لم يكد يتنفس الصعداء عقب الفوز المثير خارج الديار، حتى اصطدم بحديث صحفي أجراه رونالدو مع الصحفي البريطاني الشهير «بيرس مورجان»، ربما جرى دون علم الجميع في النادي الإنجليزي، حيث وصف ما يمر به داخل أولد ترافورد بـ«الخيانة».

واعترف رونالدو أنه لا يحترم المدرب الهولندي لأنه ببساطة لا يظهر تجاهه الاحترام الكافي، وهو المبرر الذي ارتكن عليه النجم البرتغالي من أجل الهجوم على مدربه «لن أحترمك أبدًا.. طالما لم تحترمني»، وهو المشهد الذي لم يكن منطقيًا رغم حالة الشد والجذب التي سيطرت على الطرفين مؤخرًا.

رونالدو خارج المشروع

الرواسب تحمل الكثير من التفاصيل، ربما لم يكن الهولندي يرغب في تواجد رونالدو من البداية، حيث فُرض عليه صاحب الـ38 عامًا لقطع الطريق أمام الجار اللدود للظفر بصيد ثمين، وربما أراد في تواجد رمزي لصاحب الرقم 7، على طريقة زلاتان إبراهيموفيتش في ميلان، في مقابل حلم البرتغالي بنهاية سعيدة على نفس الميدان الذي شهد بداية الراوية التاريخية، لكن الرياح لم تأت كما تشتهي السفن.

هذه البدايات المضطربة كشفت مبكرًا أن رونالدو خارج حسابات تن هاج، وهنا اشتعل المشهد حيث رفض البرتغالي المشاركة كبديل أمام توتنهام هوتسبير، بل وغادر الميدان مبكرًا، الرد جاء قاسيًا بالإيقاف والتدريب من فريق الشباب، وبينهما ظل البرتغالي حبيس مقاعد البدلاء في الكثير من المواعيد.

معطيات دفعت رونالدو للتأكيد على أن هناك محاولة لإجباره على الرحيل عن مانشستر يونايتد، وهو الأمر الذي لا يتبناه فقط المدرب الهولندي، الذي يرى في البرتغالي «كبش فداء» لكافة الإخفاقات، وإنما أيضًا اتهم اثنين أو ثلاثة من الجهاز الفني بالمشاركة في هذا المخطط، وعلى رأسهم المدير التنفيذي.

رانجينك لم يسلم من رونالدو

انفجار رونالدو طال الجميع، حتى من رحل عن يونايتد، حيث اعتبر أن الخبير الألماني رالف رانجينك لم يكن يستحق التواجد على رأس الجهاز الفني للفريق الإنجليزي، بينما اعتبر أن أولي جونار سولسكاير، هو الذي استحق الاحترام، رغم رحيل النرويجي قبل أيام من التعاقد مع الدون.

وسخر النجم البرتغالي من تعاقد يونايتد مع مدير فني لم يشرف على فريق كرة قدم لنحو 10 سنوات، مشددًا على أنه لم يسمع عن رالف رانجينك قبل توليه مسؤلية تدريب المانيو، وهو الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام.

وعرج صاحب الكرات الذهبية الخمس إلى صديق الأمس روني، مؤكدًا أنه لا يجد تفسيرًا منطقيًا لانتقادات مهاجم المانيو السابق المتكررة، حيث اعتبر أن الأمر ربما يرجع إلى انتهاء مسيرة «الفتي الذهبي» بينما لازال رونالدو ينافس على أعلى المستويات، أو ربما لأنه «أجمل من واين».

ليفربول كشف تجاهل يونايتد

وقبل أن يتبادر إلى ذهنك سؤال «لماذا بقيت إذن؟»، أكد رونالدو، في حديثه المثير للجدل، أن الدعم المذهل الذي تلقاه من الجماهير شكل الدافع الكبير من أجل مواصلة العمل، ولكن هنا كان يقصد أنصار الغريم الأزلي ليفربول وليس مشجعي مانشستر.

وأعاد كريستيانو إلى الأذهاب مؤازرة جمهور ليفربول عند الدقيقة 7 في الكلاسيكو الذي جمع الغريمين الموسم الفائت، بترديد عبارة الريدز الشهيرة «لن تسير وحيدًا»، أثناء معاناة طفلته في المستشفى قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، معقبًا: «لم أتوقع هذا الدعم أبدًا».

وأكمل البرتغالي، بأنه في المقابل جاءت الصدمة من تعامل يونايتد مع الأمر، حيث افتقد إلى الدعم عندما أراد أن يبقى إلى جوار طفلته ذات الأشهر الثلاثة، في يوليو الماضي، لكن المسؤولين في المانيو تعاملوا مع الموقف بالكثير من الريبة والتشكك، ما ترك أثرًا سيئًا في داخله.

يونايتد أم السيتي؟

بوصلة رونالدو عقب قرار الرحيل المفاجئ عن يوفنتوس كانت تتجه صوب مانشستر سيتي، حيث العمل تحت إمرة بيب جوارديولا، وهو ما يمثل طعنة في ظهر يونايتد، الذي يمثل البرتغالي أحد أبرز أساطيره عبر التاريخ، وهنا تدخل الأب الروحي أليكس فيرجسون.

رونالدو لم ينكر الأمر، بل اعتبر أنه سار خلف قلبه نحو مانشستر يونايتد، حيث رضخ أمام نصيحة فيرجسون باستحالة اللعب ضمن صفوف السيتي، لكن منذ الوهلة الأولى في أولد ترافورد اكتشف أن النادي لم يتطور على كافة المستويات منذ تركه قبل أكثر من عقد.

ولفت إلى أن التطور في البينية التحتية ليونايتد «صفر» منذ رحيل أليكس، وعلى صعيد اللاعبين الشباب أيضًا لا أحد يرغب في تعلم الدروس أو الاستماع إلى النصائح، وهي الحقيقة التي يعلمها جيدًا السير الأسكتلندي، حيث ضل «عميان يونايتد» المسار الصحيح، على غرار السيتي وليفربول وحتى آرسنال مؤخرًا.

لن تفلح خطة بيكاسو

التصريحات الصادمة يرى رونالدو ليست إلا محاولة للهدم من أجل إعادة البناء «على طريقة بيكاسو»، حيث أكد أنه يطمح إلى انتشال يونايتد من الركود والعودة إلى سكة الألقاب، لأنه «يحب مانشستر يونايتد، ويعشق جماهير أولد ترافورد».

ربما كانت تلك العبارة الأخيرة لتلهب حماس الجماهيرة خاصة إذا خرجت من لاعب بحجم الدون، لكن ردة الفعل الأولى على زلزال رونالدو «عفوًا لقد نفذ رصيدكم»، بينما الأسوأ يعتمل الآن خلف الأبواب المغلقة عندما يجلس تن هاج مع إدارة النادي لاتخاذ ردة الفعل المناسبة.

شبكة «سكاي سبورتس»، كشفت أن الجميع في مانشستر يونايتد وعلى رأسهم تين هاج يشعر بخيبة أمل شديدة بسبب التصريحات والتوقيت وأشياء آخرى، مشيرة إلى أن أحدًا داخل النادي الإنجليزي كان يعرف بأمر هذه المقابلة، في الوقت الذي انشغل الفريق بمهمة شاقة في لندن.

ويدرس تن هاج في الوقت الحالي كافة الخيارات المتاحة من أجل الرد على هجوم رونالدو، مع ترقب قرار ربما يحظى بإجماع من الجميع سواء المسؤولين أو الجماهير، بعدما سرب النجم البرتغالي حالة من الإحباط إلى الجميع فقد معها ما تبقى من التعاطف.

ذر الرماد في العيون

محاولة رونالدو لذر الرماد في العيون بمعازلة الجمهور في آخر الحوار لم تفلح، حيث رصدت صحيفة «ديلي ميل»، ردة فعل جماهير يونايتد تجاه تصريحات البرتغالي والتي عكست حالة من الغضب الشديد، لتصف تصرف رونالدو بـ«الخيانة» وليس العكس.

ونقل التقرير العديد من تغريدات الجماهير، التي لم يكن من بينهما ما يبرر موقف كريستيانو، حيث اعتبر البعض أن رحيل رونالدو الآن هو الأفضل للجميع، بعدما حوّل المشهد إلى سيرك داخل النادي، مشددًا على أن الشياطين الحمر تحت إمرة تن هاج أفضل كثيرًا دون البرتغالي.

آخرون اعتبروا أن رونالدو دمر الإرث الذي صنعه في مانشستر بسبب الغرور والتعالي، ليحظى بنهاية مأساوية في أولد ترافورد ويخرج من الباب الضيق، مؤكدين أن رونالدو لم يحترم النادي ولم يعد من المقبول أن يستمر أكثر من ذلك.

الأمر لم يتوقف عند الأنصار، وإنما أكد أسطورة ليفربول جيمي كاراجر، أن رونالدو اقترف كافة الموبقات في المغامرة الأخيرة في مانشستر، حيث «كشف عن رغبته في الرحيل، ورفض المشاركة كبديل، وغادر قبل انتهاء المباراة، الآن سيكون 99% من مشجعي يونايتد في صف تين هاج، كريستيانو أساء التقدير».

تشيلسي يترقب

وفي خلفية المشهد المرتبك في مانشستر، يبدو أن هناك طرفًا لندنيًا يتحين الفرصة للظفر بصيد ثمين دون أن يتكبّد الكثير من الأموال، حيث جدد تشيلسي الرغبة في الحصول على توقيع الهداف التاريخي لريال مدريد، بعدما فشل في وقت سابق في إتمام الصفقة بسبب رفض المدرب السابق توماس توخيل.

صحيفة «ستاندرد»، أن النادي اللندني تتأهب لانتهاز تلك الفرصة من أجل التعاقد مع رونالدو، عقب نهاية كأس العالم 2022، ليكون الدولي البرتغالي أولى صفقات البلوز في ميركاتو الشتاء، وهو الخطوة التي يبدو كريستيانو منفتحًا عليها من أجل العودة إلى ساحات دوري أبطال أوروبا من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى