فكر هولندي وتنفيذ فرنسي.. ولادة متعثر لبطولة كأس العالم

أيام قليلة وينطلق العرس الكروي الأكبر في عالم الساحرة المستديرة، إنها بطولة كأس العالم لكرة القدم «فيفا – قطر 2022» والتي تقام لأول مرة في دولة عربية خلال الفترة من 20 نوفمبر حتى 18 ديسمبر بمشاركة 32 منتخباً من جميع القارات.

وفي هذا الإطار، ينطلق معكم موقع «كورة بريك» في رحلة عبر الزمن يستعرض من خلالها تاريخ بطولة كأس العالم منذ أن كانت مجرد فكرة مطروحة يصعب تنفيذها ثم أصبح واقع في أوروجواي عام 1930، مروراً بنسخها المختلفة التي بلغ عددها حتى الآن «21»، وصولاً للنسخة المرتقبة في قطر، والبداية ستكون مع الولادة المتعثر للمونديال..

فكرة هولندية الأصل

لم تكن ولادة كأس العالم لكرة القدم، بالأمر الهين، بل كانت متعثرة إلى أبعد الحدود، واحتاجت إلى سنوات طويلة لتخرج إلى النور، منذ أن طرح الهولندي «كارل فيلهيم هيرشمان» الفكرة خلال أول اجتماع للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، عام 1904.

الفكرة قوبلت بالرفض بسبب عدة صعوبات، أبرزها أن الموارد المالية للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» وقتها كانت قليلة جداً، بجانب معارضة اللجنة الأولمبية الدولية لفكرة البطولة خوفاً من تأثيرها على شعبية الدورات الأولمبية العريقة، وخوفاً من سيطرة «فيفا» على اللعبة الأكثر شعبية في العالم، بالإضافة إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى «1914 – 1918» مما عصف بإمكانية إقامة البطولة.

كذلك «فيفا» في بدايته كانت مهمته الرئيسية توحيد قوانين كرة القدم وجمع شمل الأندية والمنتخبات تحت اتحادات وطنية وقارية تابعة له.

فرنسي تولى التنفيذ

ومع وصول المحامي الفرنسي «جول ريميه» إلى قمة هرم الاتحاد الدولي بتولي منصب الرئيس، عام 1921، أعاد طرح فكرة إقامة كأس العالم وعمل جاهداً على التحضير لها.

«ريميه» نجح بمساعدة مواطنه «هنري ديلوني»، السكرتير العام لـ«فيفا»، في انتزاع موافقة الأعضاء على فكرة البطولة، خلال اجتماع تاريخي عقد يوم 25 مايو 1928، وشهد موافقة 25 دولة واعتراض 5 فقط.

وفي اجتماع عقد بمدينة برشلونة الإسبانية، عام 1929، تمت الموافقة على منح أوروجواي شرف تنظيم أول نسخة من كأس العالم، بعدما تفوقت على إيطاليا وهولندا والسويد وإسبانيا.

أوروجواي فازت بحق التنظيم لعدة أسباب من بينها أن دول أوروبا كانت لا تزال تعاني من دمار الحرب العالمية الأولى، كما أن منتخب السيليستي كان رائد المنتخبات في ذلك الوقت فبطل آخر دورتين أولمبيتين 1924 و1928، بالإضافة لتعهد حكومة أوروجواي بتوفير كافة التسهيلات والاحتياجات للمنتخبات المشاركة.

«فيفا» بدوره تكفل بدفع مصاريف التنقلات الصعبة في ذلك الوقت، عن طريق الاستعانة بالباخرة الإيطالية «الكونت الأخضر»، التي أقلت اللاعبين والمدربين والحكام.

الحلم كاد ينهار

قبل موعد انطلاق البطولة بشهرين فقط، كاد حلم «ريميه» أن ينهار بسبب تجاهل العديد من المنتخبات الأوروبية لفكرة المشاركة بحجة بعد المسافة بين القارة العجوز وأوروجواي، ولكن الحقيقة أن هناك ضغوط مورست عليهم من قبل اللجنة الأولمبية الدولية وكذلك الاتحاد الإنجليزي الذي رفض الانضمام إلى «فيفا» وقاطع كأس العالم في البداية، بسبب رفض الإنجليز لفكرة وجود كيان خارج عنهم يتحكم في اللعبة التي هي من تأسيسهم.

ولم يستسلم المحامي الفرنسي المقاتل وقام باتصالاته مع كافة الدول الأعضاء ونجح في إقناع 4 منتخبات أوروبية بالمشاركة إلى جانب 7 منتخبات من أمريكا الجنوبية ومنتخبين من أمريكا الشمالية.

الكاتب «لوثيانو برينكي» أشار في إحدى مؤلفاته إلى أن مصر كانت قد أكدت حضورها في النسخة الأولى، إلا أن قيادتها لم تجد الطريقة المناسبة للوصول في المكان والموعد المحدد للمشاركة في البطولة.

النسخة الافتتاحية

وانطلقت أولى نسخ كأس العالم في موعدها المحدد 13 يوليو 1930 وتحقق حلم «ريميه»، بمشاركة 13 منتخباً هم «أوروجواي – الأرجنتين – الولايات المتحدة – تشيلي – البرازيل – باراجواي – بيرو – بوليفيا – المكسيك – يوغوسلافيا – فرنسا – رومانيا – بلجيكا».

وتأخر اكتمال بناء الملعب الرئيسي للبطولة المعرف باسم «سنتيناريو» الذي يتسع لـ90 ألف متفرج، حيث لم تضع لمساته الأخيرة إلا بعد بدء المنافسات بخمسة أيام، مما أضطر الجميع لاستخدام ملعبي «بوكيتوس» و«غران بارك سنترال» ذات السعة الصغيرة، لحين تجهيز الملعب الكبير الذي احتضن 10 مباريات من أصل 18 مباراة.

ونالت البطولة اهتماماً كبيراً خصوصاً في أمريكا الجنوبية والشمالية، وتابع الأوروبيون المباريات عن طريق الإذاعة، لتصبح بعدها المشاركة في كأس العالم حلماً لجميع المنتخبات العالمية.